أخرجوا اللانجري من بلاد الحرمين

بعد سنوات من المعارك الشرسة، تخللتها نقاشات و اتهامات لا حصر لها، تمكنت المرأة السعودية أخيراً، ومن أشهر قليلة فقط، من الحصول على قرار يسمح لها بشراء ملابسها الداخلية من امرأة. ويا فرحة ما تمت، استطاع رجل أعمال قطع رزق الآلاف من السعوديات و حرمانهن من العمل الشريف، بعد أن كسب قضيته ضد وزير العمل و ألغي قرار احتكار النساء على بيع الملابس الداخلية للنساء تحت ذريعة الاختلاط. لتعود السيدة السعودية المسكينة إلى مناقشة مقاسها مع رجل بخجل و سرية كأنها تناقش شراء قنبلة ذرية!

  بوجود ما يقارب المليون عاملة منزلية، و مليونان و سبعمائة ألف سائق بين نظامي و غير نظامي، يتضح لنا أن الاختلاط المقصود هو بين حاملي الجنسية السعودية فقط. أما اختلاط أهل البيت بالعاملة المنزلية لا بأس به، و اختلاطهم بالسائق من أساسيات الفضيلة. في حين أصبح منع اختلاط السعوديات بالبائعين الأجانب أحد الأزمات القومية السعودية، و لا أرى إلا حل يتيم وهو امتناع السعوديات عن شراء و لبس الملابس الداخلية و بدء حملة"أخرجوا اللانجري من بلاد الحرمين"!

   المذهل في الأمر قدرة البعض على تحويل أي قضية فيها رائحة امرأة إلى قضية جنسية، ولو كان هناك جائزة أوسكار لتفوقوا بجدارة في جائزة القصص الإباحية. هم لم يكتفوا بقطع أرزاق البائعات بل توجهوا إلى الطعن في أعراضهن ليكنّ عبرة لمن تفكر مجرد التفكير أن تحل محل وافد امتهن البحلقة في صدور السعوديات ليخبرهن بمقاساتهن. أحدهم لديه فوبيا العذرية، يحمّل وزير العمل ذنب الأعراض التي انتهكت، و العذراوات الاتي زج بهن بلا رحمه للعمل جنباً إلى جنب مع الرجل، ليفقدن عفافهن"أواه أواه". و أخرى تحلف و تقسم أنها شاهدت بأم عينها بائعة تدخل على مديرها في مكتبه الصغير "و العياذ بالله" لتسأله عن موديل، والله أعلم وش صار بينهم!

  الطريف في الموضوع تسمية تأنيث المحلات بالمشروع الليبرالي، على هذه الحال هنيئاً للوافدين بالمشروع الإسلامي الذي سيوفر 28 ألف وظيفة جديدة تخصص تأمل أجساد السعوديات و مشاركة أزواجهن خصوصية ملابس غرفة النوم. وهنيئاً لأصحاب المحلات "المستفيد الأكبر" توفير تكاليف توظيف السعوديات، وهنيئاً للشعب السعودي رفاهيته، في حين ما زال أشقائنا العرب منهمكين بثورات و انتخابات، أثبت أنه كامل الحقوق، و لم يعد أمامه إلا نبش قضية اللانجري و إعادتها إلى السطح لمناقشتها مجدداً، طرداً للملل!